الجانب المشرق من تجربتي في درعا

فتحي أحمد صافي

أهدي هذا الكتاب لأستاذنا الكبير العالم الجليل الشيخ عبد العزيز أبا زيد مفتي محافظة درعا.
كثيراً ما التقيت بالدكتور محمد سعيد رمضان البوطي وأنا ذاهب لدرعا فيقول لي:
"قبَل يد الشيخ عبد العزيز نيابة عني واسأله أن يدعو لي".
أسأل الله العلي القدير أن يبقيه ذخراً للإسلام والمسلمين.

  بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين..
أما بعد : فهذا كتيب سطرت فيه رأيي الخاص عن الجانب المشرق الذي رأيته من خلال ترددي على محافظة درعا وغايتي من كتابته أن أثني على أهل درعا بدون اطناب وتشجيع طلبة العلم للقدوم على هذه المحافظة فهي قريبة من دمشق في المسافة ولكن بعيدة كل البعد عن مجاراتها في العلوم الشرعية...
لذلك أتقدم بالرجاء لكل إخواني من طلبة العلم في دمشق أن يسدوا الخلل ويجبروا النقص حسبة لله وطلباً لثوابه.
والله ولي التوفيق.
  بدت لي محافظة مدينة درعا كأنها قرية كبيرة جداً لأن جميع سكان المحافظة يعيشون في بساطة القرى من كرم عربي أصيل، فهم عشائر عربية محافظة نشأت على إغاثة الملهوف والغيرة على العرض فهم أصحاب نجدة وحميَة..
ويعود نسب أكثر العشائر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فهم قرشيون من عرب عاربة.. سافرت نسبة كبيرة من شبابهم إلى السعودية والكويت والخليج لأجل العمل مما أنعش المحافظة وعكس عليها طابعاً عمرانياً وجميع الدخل الحاصل ينفق في إطعام الطعام وإصلاح ذات البين.
• اللباس
يمتاز رجالهم باللباس العربي من قميص إسلامي يعرف اليوم باسم الجلابية أو الدشداشة.
عن أم سلمى رضي الله عنها قالت: كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص.
رواه أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه والحاكم وصححه.
ويضعون على رؤوسهم أكسية حمراء وسوداء وبيضاء (سُلُكْ – حَطَّة) عليها عقال أسود وهو عمامة مصغرة ويعطي ذلك اللباس لصاحبه منظراً مهيباً جليلاً.
روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي سعيد عمر بن حريث رضي الله عنه قال: كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفيها بين كتفيه.
وترتدي النساء لباساً خاصاً اسمه (الشُرش) ولعل هذا الاسم من الجذور أي أنهن مُحافِظات على الجذور العربية الأصيلة.. وهو لباس ساتر طويل فضفاض لا يصف جسم المرأة وأهم طابع له أنَ من تلبسه يشع منها حنان الأم وصفاء الأخت.
أخرج البخاري ومسلم عن حفصة عن أم عطية نسيبة بنت كعب الأنصارية قالت، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم العيد أن تخرج العواتق وذوات الخدور والحُيَّض فيعتزلن المصلى ويشهدن الخير ودعوة المسلمين فقالت امرأة من المسلمين : وإحداهن لا يكون لها جلباب؟ قال: لتلبسها أختها من جلبابها. (العاتق: هي المدركة).
الشباب فيهم من يرتدي ثياب المدن من قمصان حديثة و(بناطيل) كذلك قال النحلاوي الشيباني في كتاب الدرر المباحة في الحظر والإباحة (ويكره لبس ثياب كثياب الفسقة وزيهم فإن اعتاد الناس لبسها وصارت شعارهم لا يكره).
وطابع الشباب الأدب مع الكبار بحكم التربية العشائرية التي تربي أولادها على احترام كبار السن وعطف الكبار على الصغار وحياء الشباب في احتكاكهم بالنساء..
فالشاب الذي نشأ في بيئة جميع نسائها قريبات له اعتاد أن ينظر إليهن بعين الغيرة عليهن حتى من نفسه عندما خرج هذا الشاب إلى المجتمعات الكبيرة بقيت معه تلك النظرة إلى كافة نساء الدنيا.
والفتيات يلبسن الجلاليب السابغة وبعضهن بجلابيات نسائية سابغة أيضاً والحجاب ساتر أيضاً لجميع أجزاء الشعر فلا يبدو من المرأة إلا دائرة صغيرة من وجهٍ خالٍ من الأصباغ عليه سيماءُ الجد والأدب تسير وهي تغض البصر.
• أزرع
المدينة التي أخرجت ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى وهي مدينة عريقة فيها أسواق ومحال تجارية كما أنها مركز لجميع القرى المحيطة بها وفيها سوق كبيرة تقام يوم الثلاثاء ومساوئ السوق هو اختلاط الرجال بالنساء فيها .. وشعب أزرع واعٍ مثقف ويشغرون وظائف الدولة نظراً لعدم اعتماد أكثرهم على الزراعة.
فيها ثلاثة مساجد (جوامع) تقام فيها خطب الجمع ونادراً ما يتخلف أحد من البلدة عن الصلاة فالتدين روح درعا وترك الصلاة فقدان لهوية الإنسان.. ويسرك جداً فيها رؤية المتحجبات بالحجاب الشرعي مما يشعرك بالعزة وبأن هذا الدين موجود في كل مكان حتى يرث الله الأرض بمن عليها.
دخلتُها في أواخر عام 1990 بسبب زيارة لعائلة فيها طفلة مريضة أعجز مرضها الطب واستهلك المال وجهد الجميع..
كنا ثلة من طلبة العلم الشرعي قرأنا ختمة قرآن وسجدنا السجدات الموجودة ثم صلينا صلاة الحاجة ودعونا الله لها بالشفاء.. وتعافت ولكن الله سبحانه وتعالى لا يعطي الزيادة إلا لأهل الشكر.. كان منظرنا مثيراً للإنتباه بعمائمنا البيضاء ولحانا الطويلة وكان جميع أهل المنطقة يبدؤوننا بالسلام وكلٌ منهم يتلهف على استضافتنا عنده.. شعرت بأخوّة تشدني إلى الناس.
والحقيقة أن سكان أزرع طيبون جداً يحبون الغريب ولهم ميزة عن غيرهم هي دماثة في الخلق بحيث أن جميع شبابهم ورجالهم فيهم دفء أخوة صادقة ونظرة فيها صفاء القلب وأمانة المعاملة.
• مليحة العطش
بعد زيارة أزرع تلقيت دعوة من أهالي مليحة العطش لخطبة الجمعة في مسجدهم فدخلت القرية في منتصف فصل الصيف محتسباً لله وأقمت في البلدة سنة ونصف خطيباً وواعظاً ومدرساً.
كانت الخطب توجيهية للدين والأخلاق ودروس الجمعة قبل الصلاة لفقه العبادات والمعاملات والأحكام الشرعية وعلمت القرآن الكريم لصغار البلدة فكنت الأب والأخ والإبن لجميع سكانها ولم أزل..
تبعد مليحة العطش عن أزرع بما يقرب من ثمانية كيلومترات تقريباً وعدد سكانها ألفي نسمة وهي قرية استحدثت في عام 1956م فقد انفصل سكانها عن بصر الحرير حيث مسقط رأس آل الحريري في جميع محافظة درعا نسبة إلى جدهم الشيخ على الحريري الذي جاء من البصرة في العراق من منطقة تل الحرير وكان رجلاً صالحاً عالماً ورعاً تقياً..
وأهل مليحة العطش حريرية وهم فخذ واحد هو الشولي فكلهم أبناء عم وكان خروجهم من بصر على يد شيخهم ومختارهم قاسم الصالح الذي قام ببناء هذه البلدة بمساعدة رجاله ولتخفيف حدة النزاع القبلي الذي يعيشونه.
ولعل الجهد المضاعف الذي بذله الشوالي واعتمادهم على أنفسهم هو الذي حسَّن من أوضاعهم المعيشية والعمرانية وتخطي الشوارع والمدارس على مستوى جيد.
وقد كان فيهم عضو مجلس الشعب في الدورة السابقة هو شفيق الحريري وهو شاب في مقتبل العمر وصل إلى المجلس بحب جميع المحافظة لأهل مليحة العطش وتكاتف الشوالي جميعاً وخروجهم للدعوة له رجالاً ونساءً.
ومن هذه القرية أيضاً مدير الشؤون الاجتماعية والعمل في محافظة درعا وهو شاب يفرض احترامه على كل من يجتمع به لدماثة أخلاقه واستقامته التي يضرب بها المثل.
وفيها مسجد قديم لم يعد يتسع للبلد فقام السكان ببناء جامع جديد كبير وقد قام بالتبرع بالأرض له – عبد الرحمن الحامد – وهو رجل تقي ورع وقد سمعت بأنه من الذين يؤدون زكاة المال والزروع والثمار وميراث الإناث ويدفع رواتب للفقراء فجزاه الله كل خير.
ومنهم مستشار سابق هو حسن الشولي فكلما جاء إلى القرية شارك في رفع أحجار المسجد ودموعه تذرف وهو يقرأ: (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت).
حقاً إنها بلدة نموذجية وكل المحافظة يغارون من حبي الشديد لأهلها. وشيء آخر: لقد تخيلت مرة أن هذه القرية رجال فقط لا يوجد فيها نساء أبداً فأنت لا ترى النساء في شوارعها ولا على شرفات بيوتها وإن دل ذلك على شيء فهو يدل على حشمة النساء وغيرة الرجال.
وأما شهر رمضان في مليحة العطش ففيه نفقات تكفي العاصمة دمشق بلا مبالغة فكل بيت يصنع من الطعام ما يكفي البلدة ويدعو ما استطاع في سبيل الله وأكثر أهل البلدة يتواجدون في المسجد يقرؤون القرآن الكريم وعند أذان المغرب لا تجد أحداً في الشوارع والطرقات.
وفي صلاة التراويح يجتمع كل البلد في الجامع ويعود المغتربون من السفر في هذا الشهر فيلاحظ زيادة في عدد الشباب ولهم نوع خاص بهم من الذكر بعد كل أربع ركعات والعيد عندهم له معنى خاص لزيارة المرضى والمقعدين والعجزة.
طعامهم طيب ونفوسهم طيبة وإذا سألت عن الشاي فهم رَبْعُ الشاي كما يلقبونهم.
خطيبهم وإمامهم الآن هو الأستاذ عبد المحسن الحريري وهو مدير الإعدادية أيضاً وهو قمة في الأخلاق والدين والنزاهة.
• الحراك
بعد أن تركت مليحة العطش اتخذت من مدينة الحراك مقاماً لي في أيام الجمع، والحراك ناحية يبلغ عدد سكانها عشرين ألف نسمة تقريباً وفيها عدد كبير من العائلات المتباينة كبراً وصغراً.
أهلها طيبون جداً يألفون بسرعة ويؤلفون إن نزل فيهم ضيف يرغب بالتحول عنهم إلى غيرهم وكلما طال مكثه بينهم ازداد سرورهم فبالخلق العربي الأصيل تطالعك هذه المدينة وتبهرك معاملة الشيوخ واستقامة الشباب رجال تفيض أعينهم استقامة وحباً يخيل إليك أن الناظر إليك بينك وبينه معرفة قديمة لدفء نظرته..
وفي أوقات الصلاة تغصُ المساجد الأربعة بالمصلين وتكاد الشوارع أن تكون خالية من المارة.
وشهر رمضان في مدينة الحراك يتسم بطابع جميل جداً وخاصة عند أذان المغرب فهي البلدة الوحيدة التي تجد المساجد فيها مليئة بالمصلين وقد أعدوا التمر للإفطار فبمجرد الأذان يأكلون التمر ويصلون المغرب ثم يعودون إلى بيوتهم حيث تنتظر الأسرة عودة رجالها من المسجد وتكون النساء قد صلين المغرب ..
وكأن أذان المغرب في هذه البلدة عيد ديني فيه معانٍ لا تجدها في بلدات أخرى أما صلاة التراويح فقلما تجد إنساناً في بيته أثناء أداء صلاة التراويح فالرجال والنساء في المساجد خلف الأئمة يؤدون الصلاة بخشوع وخضوع.
والعيد في أيامه الرائعة يعبر عن معاني الإخاء والمودة فالأرام تتواصل وحتى التخاصم والتدابر يُترك في أيام رمضان والأعياد فتجد الناس يتزاورون والابتسامات الحقيقية ترتسم على الوجوه من قلوب قد صفت إيماناً بربها وعندما كنت معتكفاً في المسجد الكبير كان الناس يؤمُّون المسجد في جميع الأوقات يسألونني الدعاء ويرسلون الأطعمة مع رجائهم أن آكل منها وهذا كله يدل على محبة الضيف وطلب الثواب من الله والتماس البركة من حسن ظنهم بطلاب العلم. وكان كل الطعام يرسل من المسجد إلى الفقراء والمساكين فجزى الله هذه البلدة كل خير.
وكنت أدرِّس القرآن الكريم في المسجد للأطفال وكان عندي المئات منهم وكان فيهم فتاة عاجزة اسمها إيمان تسير على يديها وقدميها ولكنها ذكية جداً تحفظ بسرعة حتى المودة تحفظها فبعد رحيلي عن البلدة سمعتْ أنني في زيارة أحد الإخوة فتسلقت البوابة الحديدية بيديها ونادت عليَّ لتلقي السلام.
وفي ناحية الحراك يوجد إخوة قادة كالدكتور سليما قداح ولم ألتقِ به ولكنني التقيت بالأستاذ طه الخيرات واللواء منصور السلمات والأستاذ محمد خير عبد المولى قداح والأستاذ إبراهيم قداح مدير تمويت درعا وهو أبو الحراك على ما رأيت.
إمام هذه البلدة وخطيبها الأستاذ وهيب الحسنين وهو خريج كلية الشريعة ومدرس التربية الإسلامية في الثانويات فهو نعم المربي، شاب لكنه شيخ وهو من بلدة الحريك المتاخمة للحراك.
• الحريك
والحريك مجتمع بسيط يعيش على الفطرة السليمة فيه نسبة كبيرة من المثقفين، وشبابهم نعم الشباب وهم محبون للضيف وفيهم الأخلاق العربية الأصيلة.
ولم أرَ فيها امرأة بدون حجاب وهذا دليل الالتزام الدين والحياء الصادق.
• بصر الحرير
مدينة جميلة فيها آثار رومانية استقر فيها الإمام على الحريري بعد هجرته من تل الحرير في البصرة. قبره معروف يزار وهو ابن ابنة بنت الإمام أحمد الرفاعي الكبير رحمهم الله. وعليه فهو قرشي يعود نسبه إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم ولذلك فإن للحريرية نسباً شريفاً وسلسلة متصلة بالحضرة النبوية.
يبلغ عدد سكان بصر الحرير عشرة آلاف نسمة تقريباً، فيها أربعة مساجد وتقام الجمعة في الجامع الحجري المعروف بجامع اليسع. أهلها أصحاب فطرة سليمة وهم أفخاذ، جدهم واحد تفرع منه العليان والجرابعة والكسور، وفي البلد زاوية للفقراء تقام فيها حلقات الذكر وهم طيبون جداً ويحتاجون لدراسة التوحيد والفقه ليصبحوا من أكمل العبَّاد..
العليان في بصر كبني هاشم في قريش لهم الجانب الديني وشباب العليان لهم ميزة أنك إذا نظرت إليهم ترتاح لهم إن سكتوا وإن نطقوا ونساؤهم يعتقدن أن جميع الناس إخوة لهنَّ فلذلك أنت تخشى عليهن من هذه البراءة.
الجرابعة فخذ رئيسي من تفرع الإمام علي الحريري رحمه الله وكأنهم في بصر الحرير كبني أمية في قريش فهم أكثر الناس تجارة وكما أن بني أمية حكمت العرب والعجم بعد الإسلام بدينهم وتقواهم وورعهم فكذلك كل من اتجه من الجرابعة اتجاهاً دينياً صحيحاً فهو أمة في بصر الحرير كالأستاذ عطا الله الحريري في العلم والعبادة وموسى التركي في الاستقامة وبر الوالدين، وفيهم الدكتور أحمد الحريري أجرة المعاينة عنده مئة ليرة تأخذ فيها وصل تبرع لمسجد بصر الحرير.
الكسور فخذ أيضاً يتميزون بالتدين وهم محافظون متمسكون لا تجد في بصر الحرير فتاة حاسرة الرأس وليس ذلك إلا من القناعة والحياء من الله.
وشهر رمضان في بصر هادئ جداً بحيث يخيم الهدوء على البلدة الكبيرة وأهلها يحبون اطعام الطعام وبخاصة في رمضان فكان إذا دعاني أحدهم وعلم أنني مدعو أو مسافر، يعود متألماً.
اعتكفت العشر الأخيرة من رمضان في جامع اليسع وبقي المسجد الجامع قبلة البلدة طوال فترة اعتكافي. وكنت ترى فيه المصلين وقراء القرآن والذاكرين ليلاً ونهاراً ومجالس الوعظ والتذكير يومياً بعد العصر وبعد الفجر وهكذا تعلقت قلوب أهل البلدة في الجامع فكانوا لا يطيقون البعد عنه واعتكف الناس معي فمنهم من أتم العشر ومنهم من كان يأوي إليها ليلاً ويذهب لمزاولة عمله نهاراً.
كان الطعام يحمل إلينا من جميع الأهالي فكنت أرسله للفقراء والمساكين وكانت الحاجَّة أم أديب ترسل إليَّ الأطعمة والأغطية للمسجد فنشعر بدفء وحنان الأخت الكبيرة.
والعيد في بصر الحرير عيد فعلاً فالبلد ترتج بالتكبير والتهليل والزيارات المتبادلة والعادة في الأعياد أن يرسل الرجل لأخته في أول يوم من أيام العيد دجاج وسكاكر وكنت طوال الليل وأنا في المحراب الذي يبعد عن بلدي دمشق 85 كيلومتر تقريباً وليس لي فيها رحم ولا قريب وقع في قلبي شعور أن نساء الشوالي في هذه البلدة يشاركنني نفس الإحساس تقريباً فأرسلت لكل أخت ما يرسل الأخ في مثل هذه المناسبة فدخل على الأخوات سرور كثير لأنهن شعرن أن خطيب البلد وشيخها منهم فأنا كنت خطيب بلدتهن سابقاً وقد تعدى السرور إلى أهالي بلدة مليحة العطش فقد كنت أقرأ في عيون سكانها آيات المحبة والأخوة والمودة.
وفي شوارع بصر الحرير لا ترى نساء فإن رأيت إحداهن مصادفة فلثامها يغطي وجهها ومشيتها متعجلة ولا تلتفت يمنة ولا يسرة.
وخرجت من بصر الحرير فحزنت المدينة العربية القرشية لأنها متعطشة للعلم والعلماء وتركت فيها خطيباً وواعظاً الأستاذ عرسان الطرشان وهو مدير ابتدائية في بصر، شاب مستقيم ورع متدين أسأل الله أن ينفع به.
وبعد ..
إن كل القرى بحاجة لطلاب العلم فيا طلاب العلم في دمشق أناديكم من كل قلبي أن تهُبوا إلى القرى والبوادي للمساجد المغلقة للإخوة الذين هم بحاجة إلينا.
إننا نحلم أن نخرج للدعوة إلى آخر العالم في سبيل الله وأهلنا بحاجة إلينا.
وقد قال الله تعالى : (وأنذر عشيرتك الأقربين).


بطاقة شكر وعرفان
أشكر الأستاذ / عبد الله هاشم صاحب مطبعة الكاتب العربي على ما يبذله من جهد لا يخفى واتقان ملحوظ وأسأل الله عز وجل أن يجزيه عنا كل خير.
كما وأشكر جميع الإخوة في درعا لتشجيعهم لي على الكتابة وأخص منهم بالذكر محمود الخلف الكسور.