الدرة في أحكام الحج والعمرة

فتحي أحمد صافي

 

 

 

هذا الكتاب هدية لحجاج فوج الفتح الرباني

 

 

 

 

بإشراف

الشيخ فتحي صافي

الحاج محمد البخاري  ***  الحاج هشام البقاعي


 

تمهيد

الحمد لله رب العالمين حمداً يوافي نعمه ويدفع نقمه ويكافئ مزيده، رب الأرباب ومسبب الأسباب له الفضل والطول والمنن، لا إله إلا هو وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله خير نبي أرسله وهداية ورحمة للعالمين كله اللهم صل وسلم وبارك على هذا النبي الكريم وعلى آله وصحبه الغر الميامين وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:-

فهذا كتاب في مناسك الحج والعمرة والزيارة مختصر سهل العبارة، تضمن أدعية ونصائح وتوجيهات استقيته من أمهات الكتب ليكون زاداً للحجاج، قال بعض العلماء: أعمال الجوارح في الطاعات مع إهمال شروطها ضحكة للشيطان ولهذا فإن كثيراً من العامة يرجع بغير حج إلى كل فج إما بترك فرض أو عدم صحة إحرام فلا بد لمن أراد الحج أن يتعلم أحكامه ليؤديه على الوجه الأكمل والله سبحانه وتعالى يتولانا برحمته وعنايته ويوجهنا لما فيه رضاه والحمد لله رب العالمين.

 

دمشق 19 محرم 1420  هـ                         راجي عفو ربه الباقي

4 أيار 1999م                                       فتحي أحمد صافي


 

الآيات الكريمة

1-    الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج. البقرة 197.

2-    ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا. آل عمران 97.

3-    وأذِّن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق. الحج 27-29.

4-    ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين. البقرة 198.

5-    إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوَّفَ بهما ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم. البقرة 158.

 

الأحاديث الشريفة

1-    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه" رواه البخاري ومسلم.

2-    عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" رواه البخاري ومسلم. (الحج المبرور هو ما سلم من الاثم والرياء أو ما كان فيه جود وحسن أخلاق، لحديث أحمد قالوا: يا رسول الله ما بر الحج؟ قال: إطعام الطعام وإفشاء السلام) – التاج الجامع للأصول - .

3-    عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أراد الحج فليتعجل، وزاد الإمام أحمد: فإنه قد يمرض المريض وتضل الراحلة وتعرض الحاجة" رواه أبو داود، ورواه الإمام أحمد بسند صالح .

4-    عن ابن شماسة رضي الله عنه قال: حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت فبكى طويلاً وقال: فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أبسط يمينك لأبايعك فبسط يده فقبضت يدي فقال مالك يا عمرو؟ قال قلت أردت أن أشترط، قال تشترط ماذا؟ قال قلت أن يغفر لي، قال: أما علمت يا عمرو أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله. (يعني أن الحج يسبب غفران الذنوب ويزيل الخطايا إلا حقوق الآدمي فإنها تتعلق في الذمة حتى يجمع الله أصحاب الحقوق ليأخذ كل حقه، ومن الجائز أن الله يتكرم فيرضي صاحب الحق بما أعد له من النعيم وحسن الجزاء فيسامح المدين فضلاً وتكرماً ولا بد من أداء حقوق الآدميين وحقوق الله مبنية على تسامح الكريم الغفور الرحيم – الترغيب والترهيب للمنذري). رواه ابن خزيمة في صحيحه هكذا مختصراً ورواه مسلم وغيره أطول منه.

وينبغي للحاج أن يبدأ بالتوبة ورد المظالم وقضاء الديون وإعداد النفقة لكل من تلزمه نفقته إلى وقت الرجوع ويرد ما عنده من الودائع ويستصحب من المال الحلال الطيب ما يكفيه لذهابه وإيابه من غير تقتير بل على وجه يمكنه معه التوسع في الزاد والرفق بالضعفاء والفقراء وال يشغل قلبه في التجارة فالحاج يحتاج إلى قلب مطمئن منصرف إلى ذكر الله تعالى وتعظيم شعائره – روى أبو عثمان الصابوني في كتاب المائتين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تحج أغنياء أمتي للنزهة وأوساطهم للتجارة وفقراؤهم للمسألة وقراؤهم للرياء والسمعة.

وينبغي للحاج أن يلتمس رفيقاً صالحاً محباً للخير معيناً عليه إن نسي ذكره وإن ذكر أعانه وإن جبن شجعه وإن عجز قواه وإن ضاق صدره صبره ويودع رفقاءه المقيمين وإخوانه وجيرانه فيودعهم ويلتمس أدعيتهم فإن الله تعالى جاعل في أدعيتهم خيراً والسنة في الوداع أن يقول: (استودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك) أخرجه الترمذي بسند صحيح والنسائي عن ابن عمر رضي الله عنهما. وكان صلى الله عليه وسلم يقول لمن أراد السفر: (في حفظ الله وكنفه زودك الله التقوى وغفر الله ذنبك ووجهك للخير أينما توجهت) أخرجه الطبراني في الدعاء عن أنس والترمذي بإسناد حسن دون قوله (في حفظ الله وكنفه).

وقبل أن يخرج من الدار يصلي ركعتين ثم يرفع يديه ويدعو الله سبحانه قائلاً: اللهم أنت الصاحب في السفر وأنت الخليفة في الأهل والمال والولد والأصحاب، إحفظنا وإياهم من كل آفة وعاهة، اللهم إنا نسألك أن تطوي لنا الأرض وتهون علينا السفر، وأن ترزقنا في سفرنا سلامة البدن والدين والمال وتبلغنا حج بيتك وزيارة قبر نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الأهل والمال والولد والأصحاب اللهم اجعلنا وإياهم في جوارك ولا تسلبنا وإياهم نعمتك ولا تغير ما بنا وبهم من عافيتك.

 

 

فإذا وقفت على باب الدار فقل:

بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله، رب أعود بك أن أضِلَّ أو أُضَل أو أزِلَّ أو أُزَل أو أظْلِم أو أُظْلَم أو أجهَل أو يُجهل عليَّ.  اللهم إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا رياءً ولا سمعة بل خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك وقضاء فرضك واتباع سنة نبيك وشوقاً إلى لقائك. اللهم بك انتشرت وعليك توكلت وبك اعتصمت وغليك توجهت، اللهم أنت ثقتي وأنت رجائي فاكفني ما أهمني وما لا أهتم به وما أنت أعلم به مني عز جارك وجل ثناؤك ولا إله غيرك اللهم زودني التقوى واغفر لي ذنبي ووجهني للخير أينما توجهت.

وفي السيارة وفي الطائرة وفي الباص قل:

بسم الله وبالله والله أكبر توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم إني وجهت وجهي إليك وفوضت أمري كله إليك وتوكلت في جميع أموري عليك، أنت حسبي ونعم الوكيل.

وإذا سارت السيارة أو طارت الطائرة فقل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر – سبع مرات – الحمد لله الذي هدانا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، اللهم أنت الحامل على الظهر وأنت المستعان على الأمور.

في زيارة المدينة المنورة:

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من جاءني زائراً لا تهمه إلا زيارتي كان حقاً على الله أن أكون له شفيعاً". أخرجه الطبراني وقال ابن السكن صحيح الإسناد. فمن قصد زيارة المدينة فليصل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريقه كثيراً فإذا وقع بصره على حيطان المدينة وأشجارها قال: "اللهم هذا حرم رسولك فاجعله لي وقاية من النار وأماناً من العذاب وسوء الحساب" وليغتسل قبل الدخول ويتطيب ويلبس أنظف ثيابه فإذا دخلها فليدخلها متواضعاً معظماً وليقل: بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم: رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيراً. ثم يقصد المسجد ويدخله ويصلي في ركعتين ثم يأتي قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيقف عند وجهه وذلك بأن يستدبر القبلة ويستقبل جدار القبر على نحو من أربعة أذرع من السارية التي في زاوية جدار القبر وليس من السنة أن يمس الجدار ولا أن يقبله بل الوقوف من بعد أقرب للاحترام فيقف ويقول:

السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا نبي الله السلام عليك يا أمين الله السلام عليك يا حبيب الله السلام عليك يا صفوة الله السلام عليك يا خيرة الله السلام عليك يا أحمد السلام عليك يا محمد السلام عليك يا أبا القاسم السلام عليك يا ماحي السلام عليك يا عاقب السلام عليك يا حاشر السلام عليك يا بشير السلام عليك يا نذير السلام عليك يا طهر السلام عليك يا طاهر السلام عليك يا أكرم ولد آدم السلام عليك يا سيد المرسلين السلام عليك يا خاتم النبيين السلام عليك يا رسول رب العالمين السلام عليك يا قائد الخير السلام عليك يا فاتح البر السلام عليك يا نبي الرحمة السلام عليك يا هادي الأمة السلام عليك يا قائد الغر المحجلين السلام عليك وعلى أهل بيتك الذين أذهب الله عنهم الرجس وأطهرهم تطهيراً السلام عليك وعلى أصحابك الطيبين وعلى أزواجك الطاهرات أمهات المؤمنين جزاك الله عنا أفضل ما جزى نبياً عن قومه ورسولاً عن أمته وصلى عليك كلما ذكرك الذاكرون وكلما غفل عنك الغافلون وصلى عليك في الأولين والآخرين أفضل وأكمل وأعلى وأجل وأطيب وأطهر ما صلى على أحد من خلقه كما استنقذنا بك من الضلالة وبصرنا بك من العماية وهدانا بك من الجهالة.

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنك عبده ورسوله وأمينه وصفيه وخيرته من خلقه وأشهد أنك قد بلَّغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وجاهدت عدوك وهديت أمتك وعبدت ربك حتى أتاك اليقين فصلى الله عليك وعلى أهل بيتك الطيبين وسلَّم وشرَّف وكرَّم وعظَّم.

          وإذا أوصاك أحد بالسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فقل: السلام عليك من فلان، السلام عليك من فلان.

ثم يتأخر قدر ذراع ويسلم على أبي بكر الصديق رضي الله عنه ثم يتأخر قدر ذراع ويسلم على الفاروق عمر رضي الله ويقول: السلام عليكما يا وزيري رسول الله صلى الله عليه وسلم والمعاونين له على القيام بالدين ما دام حياً والقائمين بعده بأمور الدين تتبعان في ذلك آثاره وتعملان بسنته فجزاكما خير ما جزى وزيري نبي عن دينه.

ثم يرجع ويقف عند رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بين القبر والأسطوانة ويستقبل القبلة وليحمد الله عز وجل وليمجده وليكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقول: اللهم إنك قد قلت وقولك الحق ((ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً)) سورة النساء الآية 64

 

 

اللهم إنا قد سمعنا قولك وأطعنا أمرك وقصدنا نبيك متشفعين به إليك في ذنوبنا وما أثقل ظهورنا من أوزارنا تائبين من زللنا معترفين بخطايانا وتقصيرنا فتب علينا وشفع نبيك هذا فينا وارفعنا بمنزلته عندك وحقه عليك اللهم اغفر للمهاجرين والأنصار واغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان اللهم لا تجعله آخر العهد من قبر نبيك ومن حرمك يا أرحم الراحمين.

ثم يأتي الروضة فيصلي فيها ركعتين ويكثر من الدعاء ما استطاع لقوله صلى الله عليه وسلم: ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي.أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة وعبد الله بن زيد.

وعليك أيها الحاج بزيارة الأمكنة الطاهرة للتبرك بها وهي لا تضر ولا تنفع بل تكسنا مهابة في الله وإجلالاً في الله ومحبة في الله لأنها شرفت بأقدام الأنبياء والمرسلين والأولياء المتقين مشوا فيها وساروا فيها وجلسوا فيها وحاربوا فيها وعبدوا الله فيها ودفنوا فيها مثل جبل أحد ففي حديث أبي عنبس بن جبر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأحد: هذا جبل يحبنا ونحبه على باب من أبواب الجنة. رواه البزار والطبراني في الكبير والأوسط.

وروي عن سهل بن سعد رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أُحُد ركن من أركان الجنة وهناك قبر سيد الشهداء حمزة رضي الله عنه. رواه أبو يعلى والطبراني في الكبير.

ويستحب أن يخرج إلى البقيع كل يوم بعد السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيزور قبر عثمان بن عفان رضي الله عنه وقبر الحسن بن علي رضي الله عنهما وقبر على بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد رضي الله عنهم ويزور قبر إبراهيم إبن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبر صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فذلك كله بالبقيع ويستحب له أن يأتي مسجد قباء ويصلي فيه لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من خرج من بيته حتى يأتي مسجد قباء ويصلي فيه كان له عدل عمرة. النسائي وابن ماجة من حديث سهل بن حنيف بإسناد صحيح.

 

 

 

 

 

ويأتي مسجد الفتح وهو على الخندق فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا في مسجد الفتح ثلاثاً يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء فاستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين فعرف البشر في وجهه قال جابر فلم ينزل بي أمر مهم غليظ إلا توخيت تلك الساعة فأدعو فيها فأعرف الإجابة. رواه أحمد والبزار وغيرهما وإسناد أحمد جيد. وليأت مسجد القبلتين، وليغتنم أيام مقامه بالمدينة المشرفة فيحرص على ملازمة المسجد بالاعتكاف وحضور الصلوات الخمس للجماعة والختم القرآني ولو مرة فإنه لا يستغني عنه في ذلك المحل الذي هو مهبط الوحي وإحياء ليله بعبادته.

ثم إذا فرغ من أشغاله وعزم على الخروج من المدينة فالمستحب أن يأتي القبر الشريف ويعيد دعاء الزيارة ويودع رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسأل الله عز وجل أن يرزقه العودة إليه ويسأل الله السلامة في سفره فإذا خرج فليخرج برجله اليسرى وليقل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ولا تجعله آخر العهد بنبيك وحط أوزاري بزيارته.

 

الإحـــــرام

عندما نغادر المدينة المنورة متوجهين إلى مكة المكرمة نغتسل في المكان الذي نبيت به والغسل للنظافة حتى المرأة الحائض تغتسل ويسرح لحيته وشعره ويقلم أظفاره ويقص شاربه ويحلق عانته وإبطه ثم يخلع الثياب المخيطة ويلبس ثوبي الإحرام فيرتدي ويتزر بثوبين أبيضين فإذا بلغ ذا الحليفة حيث يطلق عليها آبار علي صلى ركعتين سنة الإحرام في غير وقت مكروه ثم يقول بعد سلامه : "اللهم إني أريد الحج فيسره لي وتقبله مني، نويت الحج وأحرمت به لله تعالى: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك" ويكررها ثلاثاً، ويكثر من التلبية خصوصاً بعد الصلاة وعند اصطدام الرفاق وعند كل ركوب ونزول وصعود وهبوط.

 

 

 

يحرم عليك بعد أن صرت محرماً:

1-    الرفث: وهو ذكر الجماع بحضرة النساء والجماع ودواعي الجماع كالقبلة واللمس.

2-    الفسوق: المعاصي بأنواعها كالسب والضرب والغيبة والنميمة الخ....

3-    الجدال: المخاصمة مع الناس في قولنا: حجنا أبرَّ وهكذا.

4-    لا يلبس الثياب المخيطة لا عمامة ولا جورب ولا خف ولا ثياب داخلية خاصة السروال.

5-    لا يغطي وجهه ولا رأسه ولا أقدامه لا في يقظة ولا في نوم.

6-    لا يمس الطيب فإذا طيب عضواً من أعضائه وجب عليه شاة.

7-    لا يقص شعره فإذا فعل فعليه شاة.

8-    لا يقطع شجر الحرم ولا حشيشه إلا الأذخر.

9-    إحرام المرأة في وجهها فتغطي رأسها وشعرها ولها أن تسدل على وجهها ثوباً متجافياً لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حازونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزنا كشفناه. أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه والبيهقي.

فإذا وصل الحاج إلى مكة المكرمة يقول عند دخولها:

اللهم هذا حرمك وأمن فحرم لحمي ودمي وشعري على النار وأمِّني من عذابك يوم تبعث عبادك واجعلني من أوليائك وأهل طاعتك، ثم اغتسل وتوجه إلى الحرم الشريف فإذا وقع بصرك على البيت قل: لا إله إلا الله والله أكبر اللهم أنت السلام ومنك السلام ودارك دار السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام اللهم إن هذا بيتك عظَّمته وكرَّمته وشرَّفته اللهم فزده تعظيماً وزده تشريفاً وتكريماً وزده مهابة وزد من حجه عزاً وكرامة اللهم افتح لي أبواب رحمتك وأدخلني جنتك وأعذني من الشيطان الرجيم.

وادخل متواضعاً خاشعاً ملبياً ملاحظاً جلالة المكان مكبراً مهللاً مصلياً على النبي صلى الله عليه وسلم متلطفاً بالمزاحم داعياً بما تحب فإن الدعاء عند أول نظرة للكعبة الشريفة مستجاب، كان صلى الله عليه وسلم يقول إذا رأى البيت: أعود برب البيت من الدَّين والفقر ومن ضيق الصدر وعذاب القبر.

قل: بسم الله وبالله ومن الله وإلى الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى اللهم إني أسألك في مقامي هذا في أول مناسكي أن تتقبل توبتي وأن تتجاوز عن خطيئتي وتضع عني وزري الحمد لله الذي بلغني بيته الحرام الذي جعله مثابة للناس وأمناً وجعله مباركاً وهدى للعالمين. اللهم إني عبدك والبلد بلدك والحرم حرمك والبيت بيتك جئتك أطلب رحمتك وأسألك مسألة المضطر الخائف من عقوبتك الراجي لرحمتك الطالب مرضاتك، اللهم اجعلني مجاب الدعوة.

قال في إرشاد الساري إلى مناسك الملا علي القاري:

البيت مطافة النفوس والحق سبحانه مقصود القلوب، البيت أطلال وآثار ورسوم وأحجار ولكن:       

إن آثارنا تدل علينا            فانظروا بعدنا إلى الآثار

ويقال: الكعبة بيت الحق سبحانه في الجهر، والقلب بيت الحق سبحانه في السر:

لست في جملة المحبين إن لم         أجعـــل القلب بيته والمقـــاما

وطوا في إجالة الســـــــر فيه                   وهو ركني إذا أردت استلاماً

فهو بيت ظاهره الأحجار والأستار وباطنه الأنوار والأسرار، أحجاره مغناطيس القلوب القدسية والنفوس الأنسية وأستاره أسباب لكشوف التجليات الرحمانية والتنزلات الصمدانية ومن أحجاره المتضمنة لأنوار أسراره ما سمي بيمين الله المنور بلاده يصافع بها عباده.

وفي الجامع اللطيف أن امرأة حجت فلما دخلت مكة جعلت تقول أين بيت ربي وتكرر ذلك فقيل لها هذا بيت ربك فاشتدت نحوه تسعى حتى ألصقت جبينها بحائط البيت فما رفعت منه إلا ميتة. وأن الشبلي رضي الله عنه لما وصل مكة ونظر إلى البيت عظم عنده قدر ما ناله وأنشد طرباً:              

أبطحان مكة هذا الذي             أراه عياناً وهذا أنا

ثم لم يزل يكررها حتى غشي عليه.

وذكر الأسدي أن أبا الفضل الجوهري لما رأى الكعبة علاه حال وقال: هذه ديار المحبوب فأين المحبون؟ وهذه أسرار القلوب فأين المشتاقون. وهذه ساعة اطلاق الدموع فأين الباكون؟ ثم شهقة وأنشد:

                   هذه دارهم وأنت محب            ما بقاء الدموع في الآماق

ثم بادر نحوه باكياً ملبياً.

 

طواف القدوم

قف تجاه الحجر الأسود قائلاً:

اللهم أمانتي أديتها وميثاقي وفيته اشهد لي.

أنت الآن متوضئ طاهر من الحدث والخبث مستور العورة فالطواف بالبيت صلاة ولكن الله سبحانه أباح فيه الكلام اضطبع قبل بدء الطواف فكل طواف بعد سعي يسن فيه الاضطباع وهو أن تجعل وسط ردائك تحت ابطك الأيمن وتجمع طرفيه على منكبك الأيسر فترخي طرفاً وراء ظهرك وطرفاً على صدرك وسترمل في ثلاثة أشواط وتمشي في الأربعة الآخر على الهيئة المعتادة ومعنى الرمل الإسراع في المشي مع تقارب الخطأ وهو دون العدو وفوق المشي المعتاد لكن ذلك إن وجدت فرجة وبدون إيذاء أحد.  وقبل مجاوزة الحجر وفي ابتداء الطواف قل: بسم الله والله أكبر اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك ووفاء بعهدك واتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم.